يواجه العنب المزروع في المناطق المناخية المختلفه العديد من التحديات البيئية. أبرزها الصقيع او الحرارة العالية خلال فترة تفتح براعم العنب والتي يمكن أن تؤثر سلبًا على صحة العنب من خلال إصفرار النموات واجهاض العناقيد، قتل البراعم، وتدمير شجرة العنب في الظروف القصوى. وهذا بدوره يؤثر بشدة على اقتصاديات صناعة عنب المائدة ويزداد الوضع سوءاً في ظل ظروف ارتفاع تكاليف إنتاج عنب المائدة ،ويعد اختيار الصنف المناسب مع الموقع المناسب و الممارسات الزراعية المطبقة بعد الحصاد خلال فصل الصيف لا تزيد من تفاقم قابلية العنب للإصابة بالبرد. ويقاوم الظروف لغير مواتية من خلال الإدارة السليمة من خلال ضمان التراكم الأمثل وتخزين الكربوهيدرات غير الهيكلية في البراعم والأنسجة الخشبية.
بعد الحصاد، يحين وقت الإدارة الأخيرة لشجرة العنب قبل أن تصل إلى مرحلة السكون. نظرًا لأن كل مزرعة عنب لها حالة مختلفة من النمو وإدارة المجموع الخضري، فيجب التعامل معها وفقًا لمتطلباتها الخاصة، ولكن هناك بعض الإرشادات العامة لإدارة ما بعد الحصاد للعنب. تسمح المبادئ التوجيهية لمزارعي العنب بإعداد المزرعة لمواجهة الظروف الغير مواتية خلال مرحلة السكون وتفتح البراعم وبداية النشاط الخضري مرة اخري إلي أن تعتمد شجرة العنب على الكربون الناتج من التمثيل الضوئي وليس الكربون المخزن، وكذلك لضمان التطور الإنجابي ونمو البراعم في الموسم التالي بشكل جيد.
التسميد بعد الحصاد
في حين قد يبدو الأمر وكأن شيئًا لم يحدث لأشجار العنب بعد حصاد العنب، إلا أن الحقيقة مختلفة تماماً حيث بعد الحصاد، ستبدأ أشجار العنب في توزيع الموارد؛ من التربة، ستمتص أشجار العنب العناصر الغذائية والمعادن، ومن خلال آلية التمثيل الضوئي، ستقوم بإنشاء احتياطيات من الكربوهيدرات وتخزنها في هياكل خشبية دائمة – الجذور والجذوع. تعد مرحلة ما بعد الحصاد أيضًا واحدة من أكثر الأوقات أهمية لإمتصاص العناصر الغذائية، حيث تستخدم شجرة العنب احتياطيات الكربوهيدرات للتنفس أثناء السكون ولتغذية النمو الجديد في الموسم التالي.
بمعنى آخر، تعتمد شجرة العنب اعتماداً كبيراً على الكربوهيدرات المخزنة من تفتح البراعم إلى قرب التزهير ونجاح ذلك يرتبط من فترة ما بعد الحصاد بتلك الكربوهيدرات المخزنة.
وفقا لبحث أجراه بينيت وآخرون في عام 2005، يرتبط النمو الخضري والإنتاجية ارتباطاً مباشراً بإدارة ما بعد الحصاد لأشجار العنب. وفي الموسم التالي، يعد التعافي الكافي بعد الحصاد أمراً بالغ الأهمية لإنتاجية أشجار العنب عالية الإنتاج.
يتم فقدان العناصر الغذائية عندما يتم إخراج نواتج تقليم ومخلفات العنب من مزرعة ولا يتم إعادة تدويره مرة أخرى في التربة مثل الأوراق أو الطراحات، لذلك من المهم حقًا استبدال تلك المعادن. إحدى الأوقات الحرجة لإمتصاص النيتروجين هي الفترة ما بين الحصاد وسقوط الأوراق، ولكن في نفس الوقت قد يقلل التسميد بالنيتروجين في أواخر الخريف من قساوة البرد لأنه يعزز نمو شجرة العنب ويؤخر التأقلم. يمكن تطبيق التسميد بالنيتروجين بناءاً على نتيجة تحليل التربة للحفاظ على المجموع الخضري نشطاً قدر الإمكان.
تساعد الخدمة العضوية المبكرة بعد الحصاد وتسميد مزارع العنب على الحصول على جميع العناصر الغذائية اللازمة لنمو بعد السكون في الربيع. أفضل وقت لإضافة التسميد يكون مباشرةً بعد الحصاد حتى قبيل السكون مما يسمح بدمج السماد في محتوي التربة، وبالتالي سيكون لدى العناصر الغذائية وميكروبات التربة الوقت الكافي للإندماج في التربة قبل الشتاء وستكون متاحة للكرمة في الربيع التالي.
يتطلب برنامج التسميد الناجح تحليلًا منتظمًا للتربة والأنسجة وسجلًا لقوام التربة وخصائصها وحمل المحصول ووزن التقليم والتسميد السابق ، في الواقع إن الأوراق النشطة والصحية ضرورية لإنتاج وتخزين الكربوهيدات حيث أن وجود المزيد من الكربوهيدرات في البراعم/الأنسجة الخشبية يمكن أن يعزز تحمل البرد ويقلل من خطر الضرر الناتج عن برد الشتاء. وهكذا، لذلك يجب الحفاظ على المجموع الخضري صحياً ونشطاً قدر الإمكان.
إدارة أمراض ما بعد الحصاد
بعد الحصاد، يجب أن يكون التركيز الرئيسي على حماية مزرعة العنب من أمراض العنب التى تصيب المجموع الخضرى مثل ( الجاسيد , تربس , البق الدقيقى , الحشرات الثاقبة الماصه ) و من الأمراض التى تصيب المجموع الجذرى مثل ( أعفان الجذور و الأمراض النيماتودية ) والأمراض الفطرية خاصةً ( البياض الزغبي والبياض الدقيقي ) ، هذا من شأنه أن يحافظ على استمرار صحة وحيوية ونشاط شجرة العنب وعلى استدامة صناعة عنب المائدة.
تعد مكافحة الحشائش خلال فترة ما بعد الحصاد هو أفضل وقت للسيطرة على الحشائش المعمرة ورش مبيدات الحشائش في مزارع العنب. يعد رش المبيدات المنتجات الجهازية مثل الجليفوسات مناسباً لأنه سينتقل لقتل الأجزاء الموجودة تحت الأرض ويمنع النمو خلال الموسم القادم. للحصول على نتائج فعالة، يجب معالجة هذه الحشائش المعمرة قبل البرد وشيخوخة الأوراق. ومع ذلك، يجب توخي الحذر الشديد في وقت المعاملة وأخذ الإحتياطات اللازمة حتى لا يتلامس المبيد مع أشجار العنب. حيث يتحرك المبيد الذي تمتصه الأوراق واللحاء داخل شجرة العنب ويمكن أن يظهر أعراض إصابة كبيرة خلال الموسم التالي. في معظم الحالات، وقد يلزم إزالة هذه النباتات الخشبية المعمرة يدوياً من أشجار العنب.
في هذا الوقت،يكون خطر إصابة العنب بسبب التعرض لمبيدات الحشائش أقل لأن أشجار العنب تبدأ أن تتساقط أوراقها ولا تنمو بشكل نشط،بداية الخريف هوأفضل وقت لتطبيق مبيدات الأعشاب قبل ظهورها يُنصح أيضًا بالإزالة اليدوية (العمالة) وإذا كان حجم الحشائش كبير نقوم بقصها أو استخدام ماكينة قبل استخدام مبيدات الحشائش.
إدارة حوش الصوب المغطاة
من المتعارف عليه أن تغطية العنب بالبلاستيك تتم بغرض تبكير الحصاد والحصول على جودة ثمار عالية و زيادة الأرباح ، ولكن عدم إدارة صوب العنب حرارياً من شأنه أن يزيد من تفاقم مشاكل إجهادات الحرارة خلال بداية موسم النمو وفي جميع مراحل نمو عنب المائدة.
يعمل البلاستيك علي زيادة درجة الحرارة داخل الصوبة بصورة أعلي من درجة الحرارة المحيطة في النهار بقيم قد تصل إلي 15 – 20 درجة مئوي أعلي من الخارج اعتماداً علي نوع البلاستيك المستخدم ( حراري – عادي) ، و المسافة بين رولات البلاستيك، و نوع التغطية ( زِجزاج – فِلات)، و مقدار التبادل الغازي ما بين داخل الصوبة وخارجها. وكما تنخفض درجة الحرارة داخل الصوبة عن الخارج بمقدار قد يصل إلي 3 درجات مئوية أو تكون مساوية لدرجة الحرارة خارج الصوبة. أيضا من خلال الأبحاث وجد أن درجة حرارة النسيج النباتي نهاراً يكون أعلي من درجة الحرارة المحيطة بـ 2 درجة مئوي، وأقل أيضا بمقدار 1 – 2 درجة مئوي خلال الليل. مما سبق قد تكون شجرة العنب في النهار داخل الصوبة مثالية في النمو عندما تكون درجة الحرارة تتراوح حول 25 – 27 درجة مئوي أو تقع تحت الإجهاد الحراري عندما ترتفع الحرارة عن 32 – 35 درجة مئوي، أما في الليل تنخفض درجة الحرارة إلي أقل من الخارج أو مساوية له ، وقد يحدث إجهاد لشجرة العنب بدرجة كبيرة في بعض الأوقات عندما لا تكون ذات تأقلم بشكل كافي لتحمل الحرارة العالية داخل الصوبة نهاراً أو تحمل البرودة أثناء الليل مما يسبب مضاعفة مشاكل الإجهادات المختلفة ومنها موت العناقيد وخاصة في الأصناف التي لا تتحمل البرودة.
لذلك يجب الحفاظ على عدم ارتفاع درجة الحرارة داخل الصوبة عن 28 – 30 مئوي نهاراً وأعلي أو مساوية لدرجة الحرارة خارج الصوبة ليلاً من خلال متابعة الأرصاد الجوية وأجهزه قياس درجة الحرارة المثبتة داخل الصوبة ومتابعة فتح وغلق الصوبة نهاراً أو ليلاً.
المعاملة بمركبات تحسن من قدرة شجرة العنب على مقاومة الإجهادات
خلال الفترة الأولي من بداية التفتح يعتمد النمو الخضري علي التخزين داخل النبات ومع وجود الإجهادات المختلفة التي تقع على شجرة العنب يتم استهلاك هذه الإحتياطيات المخزنة بشكل كبير ويبدأ النبات في حساب التكلفة وتوزيع الإحتياطيات المخزنة إلي الأماكن الأكثر حيوية وبالنسبة للنبات يكون قمة النمو والأوراق تكون ذات الأولية القصوى لأخذ الإحتياطيات المخزنة والفائض من ذلك يوجه الي باقي النبات ومنها العنقود والجذور. خلال فترات الإجهاد تزداد مركبات شوارد الأكسجين التفاعلية الحرة والتي تبدأ في مهاجمة أنسجة الخلية وتتلفها.
ولتجنب هذه المشكلة أو تقليل مخاطرها يتم تعويض النبات بمركبات خارجية عن طريق الرش ويكون المركبات التي تعطي طاقة للنبات مثل مركبات التي تحتوي علي الفوسفور والماغنسيوم ومركبات تحتوي علي الأحماض الأمينية الفوسفوليبدات والتي تعوض بسرعة الأنسجة التي تلفت جزئياً من الإجهاد و مركبات تعمل علي رفع الضغط الإسموزي داخل الخلية وبالتالي تكون الخلية أكثر تحملاً للإجهاد من خلال ربط الماء الحر داخل الخلية كمواد حماية أسموزية لحماية الخلايا من الجفاف أو التلف الناتج عن البرد مثل السكريات و السكريات الكحولية و البولي سكاريد والبرولين والبيتايين و مركبات تعمل كمضادات أكسدة مثل حمض الأسكوربيك و الفيتامينات والتي تعمل علي سرعة التخلص من الشوارد الحرة ورش الطحالب البحرية تعمل على تحمل الاجهاد وسرعة التعافي منه و الهرمونات النباتية مثل حمض الساليسيليك (SA) وحمض الجاسمونيك (JA) و البراسينولويد يزيد الرش الخارجي من التعبير عن الجينات التي تشفر إلي زيادة أنشطة إنزيمات مضادات الأكسدة ومحتويات السكريات القابلة للذوبان والبرولين في ظل ظروف الإجهاد البارد كما تنظم بشكل إيجابي تحمل النبات لإجهاد البرودة في شجرة العنب.
رش مركبات الحماية الخارجية مثل مركبات الكاوليين يمكن أن تساعد النباتات الحماية الخارجيه في التخفيف الناتج من إجهاد الحرارة العالية أو المنخفضة و أيضاً تعمل على تحسين الصحة النباتية عن طريق تقليل الإجهاد الحراري والمائي والضوئي، وزيادة الصلابة النباتية، وتعزيز النشاط الإنزيمي والهرموني، وتحسين التغذية المعدنية، وتقوية الجهاز المناعي. وقد أظهرت الدراسات أن رش مركبات الكاوليين على النباتات المعرضة لإجهاد البرودة يمكن أن يحسن من مقاومتها للتجمد والصقيع، ويزيد من محتوى الكلوروفيل والسكر والبروتين والبروتينات المضادة للتجمد، ويقلل من الأضرار الناتجة عن إجهاد الأكسدة.
العمل على تدفئة الصوبة من خلال إشعال خشب / فحم داخل الحوشة مع العمل على تجانس تدفئة وتقليب الهواء داخل الحوشة.
يُعد التطعيم على أصول مقاومة تقنية زراعية مهمة لتحسين سمات الجودة و/أو قدرة السلالة على تحمل الضغوط البيئية.
، يمكن أن يؤدي التطعيم على أصول عنب متحملة إلى تعزيز التعبير عن العديد من مواد التعبير الجيني TFs التي على تراكم الستيلبين والفلافونول وحمض الأبسيسيك في النبات المطعوم، ولذلك قد يكون التطعيم بمثابة نهج لتحسين تحمل البرد في العنب.
. يمكن للبكتيريا الجذرية المعززة لنمو النبات (PGPR) أن تعزز نمو النبات ومقاومته للضغوط البيئية من خلال التأثير على إدارة المغذيات والمياه وإنتاج الهرمونات النباتية حيث يؤدي تلقيح نباتات العنب بسلالة معينه من بكتريا Burkholderia إلى تحسين قدرة النبات على تحمل البرد بشكل ملحوظ، مع زيادة مستويات البرولين والفينولات والنشا . بالإضافة إلى تراكم الكربوهيدرات، وتتراكم السكريات في النموات والأوراق، ويكون التمثيل الضوئي الصافي أيضاً أقل تأثراً . ومن المثير للإهتمام أن الجينات المرتبطة بالإجهاد في النباتات التي تحتوي على هذه البكتريا يتم تحفيزها بسرعة أكبر وفي وقت أبكر بعد التعرض للبرد. تشير هذه النتائج إلى أن استخدام PGPR قد يكون تقنية مفيدة لحماية العنب من الأضرار الناجمة عن البرد.
ومن خلال ما سبق يمكن التقليل من آثار الإجهادات البيئية الضارة على شجرة العنب وخاصة خلال بداية موسم النمو.